هل تظن أنّ مهمتها تنتهي عندما تفرغ من السمنة؟ إذاً، أنت مخطئ! إنّها ليست مجرد علبة سمنة، بل بطلة تعددت أدوارها في كل بيت سوري.
بعد أن تؤدي مهمتها في إعداد أشهى المأكولات، تتحول بكل شموخ إلى غلاية مياه تتحدى بها حرارة الشمس. تسخن الماء للحمام والجلي، وتستمر سنوات في أداء هذا الدور البطولي، حتى تبدأ تسريبًا خجولًا من أحد جوانبها. وما أن يتم اكتشاف الثقب حتى يتم ترقيتها فورًا إلى طنجرة لسلق البيض والبطاطا، وكأنها تقول: ما زال في العمر بقية!
وحين يتطور الثقب ليتحول إلى فجوة، تجد التنكة نفسها فجأة وقد أصبحت حوضًا زراعيًا، يتنفس فيه النعناع والريحان، ويُروى من ماء ذكرياتها الممزوجة بروائح الطبخ.
لكن القصة لم تنته بعد! عند بدء التآكل الشديد، تنتقل تنكة اصيل إلى مدخنة خشبية، تساهم في إشعال النار بحرفية عالية! وهكذا، تعيش حياة متجددة، بصلابة وصمود لم يُشهد لهما مثيل.
وإذا كان البيت بحاجة لترميم؟ لا تقلق، تنكة اصيل جاهزة لتتحول إلى سدادة خرسانية تُستخدم لملء الفراغات في البناء، تُصب فيها طبقات الأسمنت كما تُصب فيها سنوات خدمتها الطويلة!
لكن لحظة! هل انتهت رحلتها هنا؟ لا يا صديقي! إذا كنت من عشاق التمارين الرياضية، يُمكنك ببساطة تحويلها إلى ثِقل للتمارين بوضع بوري بين تنكتين وملئهما بالإسمنت، وتصبح حينها شريكًا لعضلاتك!
وإذا قررت التنكة أخيرًا التقاعد، فإن مصيرها الأكيد سيكون بيد بائع الخردة، حيث تستكمل رحلتها في عالم المعادن، لتعود في يوم من الأيام في صورة أخرى… ربما كإبرة أو مسمار، وتبدأ من جديد.
تنكة سمنة أصيل… قصة لا تعرف النهاية، وبطلة في كل المهام!
د.عبدالله العبدالله