في زمن مضى، كانت الطيبة والبراءة تسكن القلوب وتُسَيِّرُ الحياة. كان الهاتف محجوزاً للأولاد، وأصواتهم تُنبه إذا رنَّ، والتلفاز كان ملاذاً لبرامج بريئة كـ”افتح ياسمسم” و”الكابتن ماجد”. كان الأب عملاقاً تحكمه الهيبة، ووجوده في المنزل يكفي لنصحو ونتوضأ لصلاة الفجر.المدارس كانت بعيدة ولكنها قريبة، نذهب إليها مشياً ونعود بسلام، لم نكن نعرف الجراثيم كما نعرفها اليوم، ولم نكن بحاجة إلى معقمات. كانت الأم والمعلم رمزاً للسلطة، والمسطرة الخشبية التي كنا نخشى منها تُعَلِّمُنا دروس الحياة.الجيران كانوا كالعائلة، يتبادلون الطعام والود بكرم، والشوارع بعد العاشرة مساءً كانت فارغة، والنساء ملتزمات بيوتهن. كان الستر والتراحم سائدين، والترحيب يُشعرنا بأننا في بيتنا.أما اليوم، فقد تبدلت الأحوال. الحضارة التي ارتديناها لم تُضفِ علينا الرُقي، بل جردتنا من القيم الإنسانية التي كانت تنير دروبنا. “راحوا الطيبين” مع تلك الأيام التي نسيناها وافتقدناها.كيف لا نتوق إلى تلك الأيام التي تركناها وراءنا؟

د.عبدالله العبدالله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *