سُئل الحسن البصري: كيف حالك؟
فقال: وما ظنّك بقومٍ ركبوا في سفينة، حتى إذا بلغوا عرضَ البحر انكسرت، فتعلق كل واحد منهم بخشبة، فعلى أيّ حالٍ هم؟ قيل: شديدة.
قال: حالي أشدُّ من حالهم…
حينما تتعمق في كلمات الحسن البصري، تشعر بثقل المعنى المخفي وراء تلك العبارات البسيطة.
الإنسان، مهما بدا عليه من قوّة وثبات، فهو في الحقيقة يحمل في داخله أوجاعًا وشقاءً لا يمكن للكلمات أن تصفه. كم من شخص نراه مبتسمًا، مشرق الوجه، لكنّه في داخله يُصارع أمواج الحياة، متشبثًا بخشبة من الأمل، يحاول أن ينجو من غرقٍ محتم.
لقد خلقنا الله في كَبَد، في عسرٍ دائم، نحن نسير في الحياة وكأنّنا في سفينة وسط بحر هائج، نتعرض لرياحِ الشدائد وأمواج المصاعب التي تهدد بإغراقنا في كل لحظة. ولكنّنا نحاول، رغم انكسار سفننا، أن نتمسكَ بما تبقّى لنا من الأمل، تلك الأخشاب الصغيرة التي قد تبدو بلا قيمة، لكنّها في الحقيقة تمثّل لنا النجاة الوحيدة.
كلّ ابتسامة تشرقُ على وجوه الناس قد تكون مجرّد ستارٍ يخفي وراءه جبالًا من الهموم والآلام، ونحن قد ننسى أو نتجاهل هذا الواقع القاسي في حياتنا اليومية.
نتعامل مع بعضنا البعض وكأنّنا في سلام، لكن في الحقيقة، كلٌّ منّا يحمل جرحًا في قلبه، وكلٌّ منّا يعاني بطريقته الخاصة.فلنكن رحيمين ببعضنا، ولنحمل بعضنا بأيدينا كما نحمل تلك الأخشاب الصغيرة في بحر الحياة العاصف. إنّنا جميعًا نكابد، ونصارع، ونتألم، فلنكن لطفاء مع من حولنا، لأنّ كلّ إنسان هو في رحلة شاقة، وكلّ واحدٍ منّا يحتاج إلى يدٍ تمدّ إليه في لحظات الانكسار.
فالحمد لله على كلّ حال، رغم الألم، رغم الكَبَد، فالأمل باقٍ ما دمنا نتمسك بخشبة النجاة.
د.عبدالله العبدالله