الأخ… كلمة تحمل في طياتها أسمى معاني الحب والوفاء، هي السند حين يشتد الخطب، والظهر الذي تستند إليه عندما تخور قواك.
لقد جعل الله الأخ رمزًا للقوة والعون، ولمّا أرسل الله رسوله موسى عليه السلام إلى فرعون الطاغية، علم عز وجل أن المهمة عظيمة، وأن قلب موسى يحتاج إلى من يشد أزره، فقال له: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ}.
بهذه الآية، أراد الله أن يبين لنا عظمة الأخ، فالأخ ليس مجرد شخص تربطك به رابطة الدم، بل هو القوة التي ترفعك حين تسقط، والنور الذي يهديك عندما تضل.
ومع ذلك، كم من أخ باع أخاه بدنيا زائلة، وكم من أخ طعن أخاه بخنجر الخيانة لأمور لا تستحق، وكم من روابط الأخوة انهارت بسبب حقد دفين أو مصالح مؤقتة.
كم من أخ نسف تلك النعمة الربانية لأجل شهوة عابرة أو خصومة عابثة، تاركًا خلفه جرحًا لا يلتئم، وألمًا لا يُنسى.
الحياة قصيرة جداً، والأيام تمضي كالريح، فما أعظم أن نحفظ نعمة الأخوة، وأن نصون هذه العلاقة التي أكرمنا الله بها. لا تجعلوا من الدنيا سببًا لتهديم هذا الركن العظيم، ولا تدعوا الخلافات الصغيرة تنمو حتى تصير جدارًا عازلًا بين القلوب.
فإن كان الأخوة من أعظم نعم الله، فإن التفريط فيها من أعظم الجنايات.
ليكن لكلٍّ منا وقفة مع نفسه، لنتأمل في ما بقي من العمر، ولننظر هل نود أن نلقى الله وقد قطعنا ما أمر الله به أن يوصل؟ أم نرغب في أن نحفظ ما تبقى من هذه النعمة الغالية؟ الأخ هو رفيق الدرب، فلا تخسروا هذه الرفقة لأجل دنيا فانية، بل احرصوا على أن تبقى الأخوة عامرة بالمحبة، مشدودة بعُرى الوفاء، حتى تكونوا كما أراد الله لكم، سندًا لبعضكم البعض في الدنيا، وذخرًا في الآخرة.
د.عبدالله العبدالله