في زمنٍ كثُرت فيه القسوة والجفاف في القلوب، تأتي كلمات النبي ﷺ كنسيمٍ يعيد الروح للبشرية، ليؤكد أنّ البنات هنَّ أمانةٌ ورحمة، وليس عبئاً أو خجلًا.
قال النبي ﷺ: «مَن كُنَّ له ثلاثُ بناتٍ يُؤْويهِنَّ، ويَرحَمُهُنَّ، ويَكفُلُهُنَّ، وجبَتْ له الجنَّةُ». فَقيل له: «يا رسولَ اللهِ: فإن كانتِ اثنتَيْنِ؟» قال: «وإنْ كانتِ اثنتَيْنِ».
ورأى الصحابة أن لو سألوه عن الواحدة، لأجاب: «وواحدة». وفي حديثٍ آخر، سمّاهن النبي ﷺ «المؤنسات الغاليات».هي بشرى عظيمةٌ لكل أب وأم يعانقون بناتهم بحنان، ويرعونهنَّ بعطف.
ولكن رغم هذه البشارة، نرى اليوم مَن يعبس وجهه عند سماع «لك بنت»، كأنما حمل هماً ثقيلاً.
لماذا هذا الجفاء نحو فلذات الأكباد؟ لماذا هذا الخجل من قول «لديَّ بنات»؟ ألم نعلم أن البنات هنَّ المؤنسات الغاليات، كما وصفهنَّ النبي ﷺ؟ في وقت الشدة والضيق، هنَّ السند، هنَّ من يلتف حولك بحنانٍ لا يخلو من الوفاء، ويظللن بجانبك حين يبتعد الجميع.
الأمهات تدركن هذا الشعور، فمن يتذكر عطاء الأم وتضحياتها غير بناتها؟ ومن يبكي في وداع الأب سوى تلك القلوب الطيبة التي تكاد تنفطر عليه؟ومن النادر أن نسمع عن عقوق البنات؛ فقلوبهن لا تحمل تلك القسوة التي قد نجدها في بعض الأبناء.
من يتفقد والدَيه حين يهرمان، ويحنو على تفاصيل حياتهم اليومية؟ إنها البنت التي لا تتردد في أن تظل بجوار والديها، تمد يدها بالعطاء حتى وإن كانت تُحمَّل أعباء الدنيا.
فلننظر إلى بناتنا على أنهنَّ أمانةٌ من الله، ورحمة نُبشَّر بها، ولنعاملهم بما يليق من حب ورعاية، فالخجل ليس في إنجاب البنات، بل في تلك النظرة الظالمة التي لا تدرك قيمتهن.
د.عبدالله العبدالله