كم اعتدنا على قراءة هذه الآية في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي أو سماعها في الأخبار، حتى باتت مرتبطة في أذهاننا بالموت والفقدان، وصار البعض إذا سمعها ينتابه الخوف، ظانًا أنّ أحدًا قد فارق الحياة.
لكن، هل نغفل عن المعنى الأعمق لهذه الآية العظيمة؟
في الحقيقة، هذه الآية ليست فقط للحديث عن الموت، بل هي تجسيد للرحمة الإلهية، وللوعد بالعودة إلى الله، الذي هو الملاذ والملجأ. إنها تذكير بأنّنا في هذه الدنيا الزائلة، المليئة بالفتن والشقاء، ننتظر اللحظة التي نترك فيها هذه الحياة، لنعود إلى الله، حيث العدل والرحمة التي لا تضاهى.
في هذه الآية العظيمة، يخبرنا الله أنّنا إليه نرجع، ليس فقط كأنّنا نعود لمجرد قضاء الحساب، بل نعود إلى حضن رحمته وحنانه. فكأنها وعد بأنّ كلّ ما نتحمله في الدنيا، هو مجرد اختبار مؤقت، والمآل في النهاية إلى أمان لا يوصف.
تأملوا ذلك الأعرابي الذي كان يحتضر والناس حوله يبكون بحرقة. سألوه عن سبب عدم بكائه، فقال لهم بحكمة: الله أكرمني وأنا في داري، فكيف لا يكرمني وأنا ذاهب إلى داره؟.
يا لها من كلمات تعبر عن الثقة في رحمة الله وعظمته. كيف لا، ونحن نترك دار الفناء، التي تعج بالفتن والكذب والرياء، إلى دار لا يعرفها إلا الطهر والنقاء؟
يا أيّها الناس، إنّ هذه الآية ليست مجرد رسالة عن الموت، بل هي تذكير بأننا في هذه الدنيا غرباء، وأننا في النهاية إلى الله راجعون، إلى الدار التي لا تعرف الفتن ولا الأكاذيب، حيث الأمان والكرامة. إنها دعوة لتخفيف أعباء الدنيا، والعودة إلى الله، إلى دار السلام، دار الرحمة التي لا حدود لها.
د.عبدالله العبدالله