في إحدى المرات، رُئي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وهو يرتدي إزارًا مرقوعًا، لم يكن ليخطر على بال أحدٍ أن هذا الثوب البسيط هو اختيار قائد الأمة. اندهش الناس من هذا المنظر وسأله أحدهم: “يا أمير المؤمنين، لو اتَّخذت غيره!”، وكأنهم يرون أن هيبة القيادة يجب أن تقترن بالثياب الفاخرة. لكن عليًّا، بحكمته المعهودة وبصيرته النفاذة، أجابهم قائلاً: “لا بأس به، يخشع به القلب، ويقتدي به المؤمن.”
تُظهر هذه القصة البسيطة عمق تواضع علي بن أبي طالب، وحرصه على أن يكون قدوة للمؤمنين، لا بالمظاهر الزائلة، بل بالتقوى والخشوع. لم يكن سعيه وراء مظاهر الرفاهية، بل وراء ما يُلين القلب ويزيد من خشوعه. إنه درسٌ خالد في كيفية تجسيد القيم الإسلامية في حياتنا اليومية، وكيف أن البساطة هي في كثير من الأحيان السبيل إلى القلب السليم والإيمان الصادق.
وفي زمنٍ تسود فيه الأضواء البراقة والمظاهر الفاخرة، يبقى تواضع عليٍّ رمزًا يُحتذى، ويذكرنا بأن العظمة الحقيقية لا تُقاس بما نرتديه، بل بما نحمله في قلوبنا من إيمان وخشوع.
د.عبدالله العبدالله